“نتعالى نطلق صفقة لشراء الأشجار ونعيد قطعها”.. سياسة تشجير طنجة “الفاشلة” !
في طنجة، المدينة التي تتميز بجمالها الطبيعي والتنوع البيئي، أصبح موضوع قطع الأشجار وإعادة غرسها مسألة تثير الكثير من التساؤلات والقلق. ما كان يُنظر إليه في السابق كمبادرة لتجميل المدينة وتحسين بيئتها أصبح اليوم ساحة صراع مفتوحة بين المسؤولين عن التخطيط والتنمية وبين المواطنين الذين يطالبون بحماية ما تبقى من غطاءها الأخضر. وبكل أسف، هذا الصراع لا يبدو أنه سيؤدي إلى نتائج ترضي جميع الأطراف، خاصة في موسمٍ حرج لا يمت بصلة للمفهوم الحقيقي للتنمية المستدامة.
قد يبدو الأمر للوهلة الأولى كإجراء تقني بسيط يهدف إلى تجديد المساحات الخضراء، إلا أن الحقيقة أكثر تعقيدًا من ذلك. قطع الأشجار في طنجة ليس مجرد عملية إزالة لأشجار قديمة وتالفة، بل هو في الواقع جزء من مسلسل طويل من المجازر البيئية التي تسعى لتحويل المدينة إلى نموذج حضري لا يعترف بقيمة الطبيعة ولا يتماشى مع التحديات المناخية التي تهدد المنطقة.
السؤال الذي يطرحه العديد من المواطنين هو: هل نحن في حاجة إلى المزيد من الخراب البيئي في الوقت الذي يواجه فيه كوكبنا أسوأ موجات التغير المناخي في تاريخه؟
أما بالنسبة لإعادة الغرس، فهي مجرد محاولة لتغطية عيوب أكبر من ذلك، ومحاكاة لسياسات “المراضاة” التي تفتقر إلى خطة استراتيجية واضحة.
قد تكون الأشجار التي يتم زراعتها مكان القديمة صالحة للزراعة، لكن هل تعي الجهات المعنية أن هذا ليس حلاً كافيًا لتعويض ما تم اقتلاعه؟ هل تأخذ هذه المبادرات في اعتبارها الحفاظ على التنوع البيولوجي والمساهمة في التوازن البيئي الذي هو أساس الحياة في المدينة؟
الأمر لا يتوقف هنا، فطنجة تحتاج إلى أكثر من مجرد شعارات وتبريرات سخيفة. تحتاج إلى إشراك المواطنين في عمليات اتخاذ القرار، وإعطائهم فرصة للتعبير عن مخاوفهم وملاحظاتهم. فالحفاظ على الأشجار ليس مجرد رفاهية، بل هو حق لكل شخص في هذه المدينة التي تعاني من شح المساحات الخضراء وارتفاع درجات الحرارة. إذا كان الهدف هو تحسين الظروف البيئية، فلا يجب أن يكون الثمن هو قطع الأشجار وحرماننا من مناطق الظل الوحيدة التي نلجأ إليها للهروب من حرارة الصيف القاتلة.