طنجة تحت قبضة الشعوذة: هل وصل الانحطاط السياسي إلى هذا الدرك الأسفل؟
ما حدث في بني مكادة من العثور على قلة طينية تحوي صورا لرئيس المقاطعة محمد الحمامي ونوابه، في سياق شعوذة واضحة، ليس سوى علامة صارخة على انحدار غير مسبوق للمشهد السياسي في طنجة. هل بلغ الانحطاط السياسي درجة تجعل المصالح العامة تُدار بأيدي السحرة والمشعوذين بدلًا من المسؤولين المنتخبين؟
إنها فضيحة بكل المقاييس، ليس فقط لأنها تكشف عن ممارسة خارجة عن كل الأطر الأخلاقية والقانونية في حال افترضنا أنها صحيحة، بل لأنها تضع سؤالًا وجوديًا أمام هذا الجيل من السياسيين: هل أصبح السحر والشعوذة أدوات لتصفية الحسابات وضرب الخصوم؟ في مدينة يفترض أن تكون نموذجًا للتقدم والانفتاح، أصبحنا نواجه مشهدًا عبثيًا يذكرنا بعصور الجهل والخرافة، حيث يتوارى العمل السياسي الجاد خلف ستائر مظلمة من الطقوس والتعاويذ.
كيف يمكن أن تخدم مصلحة المواطنين في ظل هذه الممارسات المشينة؟ بدلًا من أن تكون المجالس الجماعية ساحة للنقاش الديمقراطي والحلول العملية، تحولت إلى مسرح للعبث والسخرية. في الوقت الذي تحتاج فيه طنجة إلى جهود استثنائية لمواجهة تحدياتها الاقتصادية والاجتماعية، نجد بعضًا من القائمين على شؤونها منشغلين بحروب خفية تستخدم فيها أدوات السحر بدلاً من الكفاءة والنزاهة.
الأدهى أن هذه الظواهر لا يتم التصدي لها بالصرامة المطلوبة. أين هي السلطات المحلية والقضائية من محاسبة المتورطين في هذه الممارسات؟ وأين هي الأحزاب السياسية من تطهير صفوفها ممن يسيئون للعمل السياسي ويشوهون صورته أمام المواطنين؟
إذا كانت الشعوذة قد تسللت إلى العمل السياسي، فهذا يعني أن انحدارنا لا يقف عند حدود الأداء الضعيف أو سوء التدبير، بل يصل إلى التخلي عن كل ما هو عقلاني ومنطقي. إنها ليست مجرد قضية عابرة؛ إنها كارثة تهدد جوهر الديمقراطية نفسها وتجعل المواطنين يفقدون الثقة في المؤسسات والمسؤولين.
طنجة تستحق أكثر من هذا العبث. لا يمكن أن تستمر مدينة بحجمها ومكانتها تحت رحمة مشعوذين يحاولون التحكم في مصائرها من خلال أدوات الظلام. المسؤولية اليوم تقع على عاتق كل من يؤمن بمستقبل هذه المدينة، أن يقف في وجه هذا الانحدار، وأن يعيد السياسة إلى مسارها الصحيح، بعيدًا عن أوهام السحر والخرافة.